Umfang 220 seiten
Über das Buch
خلَّفَت ثورة يناير وراءها عالمًا أمسى قديمًا في وعي كل المعاصرين، يُشار إليه بالماضي أو «زمان»، حتى لو كان المقصود عَقدًا واحِدًا مضى، وعلى الرغم من كونه قديمًا لم نكتشف بعدُ كُلَّ عناصره ولا تركيباته كي نفهم لحظتنا المعاصرة التي هي نتاج تفاعُلاته هو، أصبح المصريون بعد يناير يُطلَق عليهم أنهم شعبٌ بلا كتالوج؛ لأنهم أصبحوا شعبًا موجودًا من الأصل، يتحرَّك بشكل مَرئيٍّ بعدما عبَّر عن وجوده، لم يَعُد صُوَرًا مُخلَّقة في دراما مُوجَّهة، انهارت كل الصورة النَّمطيَّة القديمة رغمًا عن الجميع. لم تَعُد من الممكن صياغة مصر كعالم مُتخيَّل من عناصر بسيطة؛ فالبلد في تغيُّر مستمرٍّ، والمجتمعات لا تسكن أبدًا، يمكن أن تخفض صوتها، لكنها لن تتوقَّف عن الهمس والكلام، وفي الأثناء ستتشكَّل لغاتٌ جديدة، تتطوَّر وتتمايَزُ، وتُصبِح معها العوالم المتنوِّعة أكثر عُزلَة وتناثرًا، ولن تستطيع خطابات الصُّوَر النمطية التافهة احتواءَها بحيث يسير كل شيء بالتوازي، حتى تأتي لحظةٌ تتقاطَع فيها المتوازيات، فتصطدم العوالم بعضها ببعض؛ وحينها لن يمكن إخفاء صوت الانفجار.